فصل: انتزاع وشمكير أصفهان من يد ركن الدولة ومسيره إلى واسط ثم استرجاعه أصفهان.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.انتزاع وشمكير أصفهان من يد ركن الدولة ومسيره إلى واسط ثم استرجاعه أصفهان.

قد ذكرنا أن وشمكير المستولي بعد أخيه مرداويج على الري كان عماد الدولة استولى على أصفهان ودفعها إلى أخيه ركن الدولة فبعث إليها وشمكير سنة سبع وعشرين وثلثمائة جيشا كثيفا من الري فملكوها من يده وخطبوا فيها لوشمكير ثم سار وشمكير إلى قلعة ألموت فملكها ورجع فلحق ركن الدولة باصطخر وجاءه هنالك رسول أخيه معز الدولة من الأهواز بأن ابن البريدي أنفذ جيشا إلى السوس وقتل قائدها من الديلم وأن الوزير أبا جعفر الصيمري كان على خراجها محتصرا بقلعة السوس فسار ركن الدولة إلى السوس وهرب عساكر ابن البريدي بين يديه ثم سار إلى واسط ليستولي عليها لأنه قد خرج عن أصفهان وليس له ملك يستقل به فنزل بالجانب الشرقي وسار الراضي ويحكم من بغداد لحربه فاضطرب أصحابه واستأمن جماعة منهم لابن البريدي فخام ركن الدولة عن اللقاء ورجع إلى الأهواز فسار إلى أصفهان وهزم عسكر وشمكير بها وملكها وكان هو وأخوه عماد الدولة بعثا لابن محتاج صاحب خراسان يحرضانه على ماكان ووشمكير واتصلت بينهم مودة.

.مسير معز الدولة إلى واسط والبصرة.

كان ابن البريدي بالبصرة وواسط قد صالح يحكم أمير الأمراء ببغداد وحرضه على المسير إلى الجبل ليرجعها من يد ركن الدولة بن بويه ويسير هو إلى الأهواز فيرتجعها من يد معز الدولة واستمد يحكم فأمده بخمسمائة رجل وسار إلى حلوان في انتظاره وأقام ابن البريدي يتربص به وينتظر أن يبعد عن بغداد فيهجم هو عليها وعلم يحكم بذلك فرجع إلى بغداد ثم سار إلى واسط فانتزعها من يد ابن البريدي وذلك لسنة ثمان وعشرين وثلثمائة وولي الخلافة المتقي وكان ظل الدولة العباسية قد تقلص حتى قارب التلاشي والاضمحلال وتحكم على الدولة بعد مولاه ابن رائق وابن البريدي الذي كان يزاحمه في التغلب على الدولة فبعث عساكره من البصرة إلى واسط فسرح إليه يحكم العساكر مع مولاه توزون فهزمهم وجاء يحكم على أثره ولقيه خبر هزيمتهم فاستقام أمره وطفق يتصدق في تلك النواحي إلى أن عرض له بعض الأكراد ممن له عنده ثأر وهو منفرد عن عسكره فقتله وافترق أصحابه فلحق جماعة من الأتراك بالشام ومقدمهم توزون وولى الباقون عليهم يكسك مولى يحكم وكان الديلم عند مقتله قد ولوا عليهم باسوار بن ملك بن مسافر بن سلار وسلار جده صاحب شميران الطرم الذي داخل مرداويج في قتل أسفار وملك ابنه محمد بن مسافر بن سلار أذربيجان فكانت له ولولده بها دولة ووقعت الفتنة بين الديلم والأتراك فقتله الأتراك وولى الديلم مكانه كورتكين ولحقوا بابن البريدي فزحف بهم إلى بغداد ثم تنكروا واتفقوا مع الأتراك على طرده فلحقوا بواسط واستفحل الديلم وغلبوا الأتراك وقتل كورتكين كثيرا من الديلم واستبد بإمرة الأمراء ببغداد ثم جاء توزون من الشام بابن رائق وهزم كورتكين الديلم وقتل أكثرهم وانفرد ابن رائق بإمرة الأمراء ببغداد سنة اثنتين وثلثمائة وكان ابن البريدي في هذه الفترة بعد يحكم قد استولى على واسط فبعث إليه ابن رائق واستوزره ففعل على أن يقيم بمكانه ويستخلف ابن شيرزاد ببغداد ثم سار إليهم إلى واسط فهرب ابن رائق والمقتني إلى الموصل وتخلف عنهم توزون وعاث أصحاب ابن البريدي في بغداد فشكا له الناس ولما وصل المقتفى ولى ابن حمدان إمرة الأمراء بمكانه وقصدوا بغداد فهرب وخالفه توزون إلى المقتفي وابن حمدان وملكوا بغداد وسار سيف الدولة أمام ابن البريدي وخرج ناصر الدولة في اتباعه فنزل المدائن وانكشف سيف الدولة أمام ابن البريدي حتى انتهوا إلى أخيه ناصر الدولة بالمدائن فأمده ورجع فهزم ابن البريدي وغلبه على واسط فملكها ولحق ابن البريدي بالبصرة وأقام سيف الدولة بواسط ينتظر المدد ليسير إلى البصرة.
وجاءه أبو عبد الله الكوفي بالأموال فشغب عليه الأتراك في طلب المال وثاروا به ومقدمهم توزون فهرب إلى بغداد وهم في اتباعه وكان أخوه قد انصرف إلى بغداد ثم إلى الموصل فلحق به ودخل توزون بغداد وولي الأمر بها ثم استوحش من المقتفي وتربص مسيره إلى واسط لقتال ابن البريدي وسار إلى الموصل سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة ومعز الدولة بن بويه في أثناء هذا كله مقيم بالأهواز مطل على بغداد وأعمال الخليفة يروم التغلب عليها وأخوه عماد الدولة بفارس وركن الدولة بأصفهان والري فلما سار المقتفي من الرقة إلى توزون خلعه وسمله ونصب المكتفي.
وقد قدمنا هذه الأخبار كلها مستوعبة في أخبار الدولة العباسية وإنما أعدناها توطئة لاستيلاء بني بويه على بغداد واستبدادهم على الجلالقة ثم عاد معز الدولة إلى واسط سنة ثلاث وثلاثين فسار توزون والمستكفي لدفاعه ففارقها وعاد إلى الأهواز.